الرسول صلى الله عليه وسلم بعد عام الحزن
توفيت خديجة رضي الله عنها قبل مخرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بثلاث سنين وبعدها تزوج النبي صلى الله عليه وسلم بسوده بنت زمعه ثم عائشة رضي الله عنهما.
لقد كان أصحاب الحبيب صلى الله عليه وسلم يعرفون قدر خديجة رضي الله عنها عند النبي صلى الله عليه وسلم فعندما ماتت كانوا يرجون أن يرزقه الله عز وجل بما يخفف عنه من آلامه وأحزانه ولكن لم يكن واحد منهم يجرؤ أبدا أن يكلم النبي صلى الله عليه وسلم في أمر الزواج فشاء الحق أن تتجرأ واحدة من فضليات نساء الصحابة ألا وهى خولة بنت حكيم لتعرض الأمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل إدخال الفرح والسرور على قلبه المحزون وقد جاء في سياق آخر أطول من حديث عائشة رضي الله عنها قال أبو سلمه ويحيى: لما هلكت خديجة جاءت خولة بنت حكيم إمرأة عثمان بن مظعون فقالت يا رسول الله ألا تزوج قال: (مَن)؟ قالت: إن شئت بكرا وإن شئت ثيبا". قال (فمن البكر)؟ قالت: إبنه أحب خلق الله إليك عائشة بنت أبى بكر، قال: "ومن الثيب)؟ قالت: سوده بنت زمعة قد آمنت بك وأتبعتك على ما تقول. قال: (فأذهبي فاذكريهما علىٌ) وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم سوده بنت زمعة... وخطب عائشة رضي الله عنها بنت ست سنوات ثم تزوجها بنت تسع.
إنا كفيناك المستهزئين
وبعد وفاة عمه (أبو طالب) تجرأت قريش على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ونالت منه ما لم تنله في حية عمه حتى إن واحدا من هؤلاء السفهاء تجرأ عليه ونثر التراب على رأسه الشريف.
عن مسروق قال: قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه (إنما كان هذا لأن قريشا لما استعصوا على النبي صلى الله عليه وسلم دعا عليهم بسنين كسني يوسف فأصابهم قحط وجهد حتى أكلوا العظام فجعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد فأنزل الله تعالى "فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ " الدخان 10-11. قال: فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل: يا رسول الله: استسق الله لمضر فإنها قد هكلت قال: (لمضر؟ إنك لجريء) فاستسقى فسقوا فنزلت "إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ " الدخان 15. فلما أصبتهم الرفاهية عادوا إلى حالهم حين أصابتهم الرفاهية فأنزل الله عز وجل "يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنتَقِمُونَ" الدخان 16 أى يوم بدر.